منح حياة ثانية للأراضي الصناعية المقفرة بالإسكندرية التي تعود للقرن التاسع عشر
بفضل مبادرة تمويل المشاريع الحضرية (UPFI)، تأمل محافظة الإسكندرية منح حياة ثانية لمينا البصل، المنطقة القديمة لصناعة القطن التي تعود للقرن التاسع عشر. وإعادة تأهيل كفر عشرى، المنطقة المجاورة التي تعاني من الفقر.
تعتبر مدينة الإسكندرية المحاطة بالبحر المتوسط وبحيرة مريوط، أكبر ميناء في مصر المدينة الثانية في البلاد. وسجلت هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 5.2 مليون نسمة، ومساحتها 300 كيلومترا مربعا، نسبة عالية من حيث الكثافة السكانية، خصوصا في حيي مينا البصل وكفر عشرى، الواقعين في المنطقة الوسطى للمدينة.
وتواجه المحافظة، والمؤسسات الرئيسية للإدارة الحضرية في الإسكندرية، العديد من الصعوبات التنموية. وفي الواقع، وبالرغم من أنها تستفيد من نفس الخدمات التي تستفيد منها القاهرة، إلا أن الإسكندرية لا تتمتع بالجاذبية والمكانة التي تحظى بهما العاصمة على المستويين الوطني والدولي.
وفي مواجهة هذا الوضع، قررت المحافظة تنفيذ استراتيجية تطوير الإسكندرية وتحويلها إلى مدينة مصرية كبيرة على مستوى البحر الأبيض المتوسط وعلى المستوى العربي، إلى جانب تشجيع مختلف أوجه التكامل والتآزر مع القاهرة.
وفي هذا السياق، تعمل محافظة الإسكندرية بشكل وثيق مع الهيئة العامة للتخطيط العمراني لجمهورية مصر العربية (GOPP) والتمثيلية المحلية التابعة لها، وهي المركز الإقليمي للتخطيط للإسكندرية (Regional Planning Center Alexandria)، من أجل وضع مخطط الاستراتيجية الحضرية للإسكندرية لأفق 2032، (2032 SUP Alex) .
وتم خلال المرحلة الأولى من التشخيص التوقيع على اتفاقية شراكة بين مكتبة الإسكندرية والوكالة الفرنسية للتنمية في أبريل/ نيسان 2013 حول موضوع المدن المستدامة. وسمحت هذه الشراكة بالتعاون مع مركز التكامل من أجل المتوسط (CMI)، بتصنيف أربعة مجالات ذات أولوية للاستراتيجية العمرانية للإسكندرية وهي: إعادة تأهيل المناطق الحضرية، وانعاش المناطق الحضرية، وإبراز قيمة المناطق الحضرية الغير مستغلة، والإطار المؤسساتي. وتم تحليل مختلف مشاريع التنمية الحضرية استنادا إلى هذه الاستراتيجية، وأدرج مشروع مينا البصل ـــ كفر عشرى، ضمن قائمة مشروع مبادرة تمويل المشاريع الحضرية نظرا للإمكانيات الكبيرة التي يتوفر عليها .
وحاليا، بدأت مرحلة جديدة من الاستراتيجية الحضرية للإسكندرية أفق 2032 بإعداد مخطط التنفيذ الخاص بها.
يوفر مينا البصل الذي يعد موقعا فريدا من نوعه يتكون من 8 مبان صناعية من التراث الحديث (انطلاقا من القرن التاسع عشر) فرصة لإعادة انعاش الاقتصاد المحلي اعتمادا على مقاربة إعادة تأهيل التراث. كما يسمح ترميم هذا التراث الصناعي بالتشجيع على تجديد حي كفر عشرى المجاور الذي يعد اليوم من المناطق المحرومة في الإسكندرية.
ويتمتع هذان الحيان بموقع استراتيجي نظرا لتواجدهما بالقرب من وسط مدينة الإسكندرية وقبالة الميناء الغربي، الذي يعد حاليا مركزا للملاحة التجارية والسياحية. كما تشق قناة المحمودية التاريخية، التي بنيت في القرن التاسع عشر، مينا البصل وتمتد من جهة أخرى على طول حي كفر عشرى، وهو موقع مثالي يسمح بتحويل هذين الحيين إلى منطقة جديدة لأنشطة مختلطة.
تعتبر المباني الصناعية لمينا البصل، التي هي شاغرة في معظمها، إحدى السمات المميزة للتراث الصناعي المصري الحديث التي تستطيع جذب المستخدمين والمستثمرين الذين يرغبون في العيش أو العمل في هذه البيئة. وتتميز هذه المباني التي هي ملك لمجمع القطن وعدد من البنوك، بمساحاتها الشاسعة وقابلية تحويلها إلى استعمالات جديدة.
وبصفة عامة، كان من المفترض أن يوفّر مشروع مبادرة تمويل المشاريع الحضرية (UPFI) الإسكندرية لكلّ من مينا البصل وكفر عشرى عدة فرص للتجديد الحضري التي من شأنها تطوير التآزر والتكامل بين الحيين. ويشمل هذا المشروع المتعلق بالإنعاش الحضري تجديد المستودعات الصناعية لمينا البصل من خلال إعادة استخدام حضري بديل، وتحسين الأماكن العامة والمنطقة المحيطة بقناة المحمودية، والقيام بأشغال عامة صغيرة تستخدم يد عاملة كثيفة في الأماكن العامة وواجهات كفر عشرى، وتحسين إمكانية الوصول إليها.
وبالفعل، ومن المفترض أن يسمح هذا المشروع، من خلال الترويج للثقافة والتراث الصناعي وسط سكان الاسكندرية، بتطوير قطب حضري جديد يكون مصدرا لفرص جديدة، ووظائف يستفيد منها السكان المحليون.
وفي خضم هذه الديناميكية، تلعب محافظة الإسكندرية، ومديرية التخطيط العمراني التابعة لها، ومديرياتها المالية والتقنية دورا محوريا بالتعاون مع وزارة الشؤون الخارجية المصرية التي تتكفل بتسهيل مشاركة عدد من المؤسسات في المشروع، على غرار الوزارة المنتدبة للسكن والأحياء العشوائية، و وزارة الثقافة و وزارة البيئة، والهيئة العامة للتخطيط العمراني لجمهورية مصر العربية(GOPP)، ومركز تطوير السكن العشوائي(ISDF)، والمنظمة الوطنية للتنسيق الحضري (NOUH) والقطاع الخاص، وعلى وجه الخصوص، الشركة المكلفة بصناعة القطن والمنسوجات(CTIHC) والبنوك الوطنية.
أعقب انطلاق دراسة الجدوى لمشروع مبادرة تمويل المشاريع الحضرية (UPFI) ـــ الإسكندرية، في ديسمبر/ كانون الأول عام 2015، تقديم أول تقرير للمساعدة التقنية للأطراف المعنية المصرية في مارس/ آذار 2016. ومكّن تحليل مالي تكميلي أنجزته وحدة إدارة مشاريع “ترانستك” (TRANSTEC) في الربع الأول من عام 2017، من تنفيذ دراسات تالية خدمة المساعدة التقنية.
استعانت الوكالة الفرنسية للتنمية في هذا الإطار، بشركة استشارية متخصصة في مجال التنمية الحضرية لتقديم المساعدة الفنية لمحافظة الإسكندرية وأصحاب المصلحة في مصر. وكان الهدف المرجو من هذه المساعدة الفنية يكمن في مصاحبة الأطراف المذكورة أثناء إعداد المشروع لمرحلة التنفيذ: إجراء تخطيط حضري شامل، ووضع أول نموذج اقتصادي، وتحديد جميع مراحل التنفيذ المختلفة والاستثمارات المراد تحقيقها، بالإضافة إلى تحليل الأثر الاجتماعي والبيئي للمشروع، إلخ.
|
|
|