الاستجابة لاحتياجات سكان الأحياء الشعبية التونسية في مجال البنى التحتية، والخدمات والمرافق، والحيلولة دون ظهور مساكن عشوائية
كشفت الثورة التونسية لسنة 2011 عن الفوارق الاجتماعية والإقليمية العميقة الموجودة في مختلف أنحاء البلاد. وبرزت هذه التفاوتات الإقليمية خلال العقود الأخيرة في المناطق “الشعبية” التي تنامت بشكل عفوي على مشارف المدن. ويعيش أهل هذه الأحياء على هامش المجتمع، نظرا لمعاناتهم من نقص في فرص الحصول على الخدمات والتجهيزات الأساسية. ولمواجهة هذا الوضع، تسعى الدولة التونسية إلى تعزيز جهودها لمساعدة هذه الأحياء والحيلولة دون ظهور مساكن عشوائية. وفي هذا الاطار، يساهم الشركاء في مبادرة تمويل المشاريع الحضرية ( UPFI ) جنبا إلى جنب مع الحكومة التونسية في دعم المرحلة الثانية من برنامج إعادة تأهيل ودمج المناطق السكنية الكبيرة (PRIQH 2).
تعتبر تونس من بلدان منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط التي تشهد توسعا حضاريا كبيرا، حيث يحتل أكثر من ثلثي سكانها المناطق الحضرية. وقد شهدت الثلاثين سنة الماضية تزايدا في وتيرة التوسع الحضري والتمركز في المناطق الحضرية. ونجم عن هذه الظاهرة بروز أحياء هشة لا سيما على مشارف المدن. وتواجه هذه التجمعات السكنية العشوائية مشاكل حضرية حقيقية في مجال تأمين الخدمات والمرافق الأساسية.
وتعاني هذه الأحياء من نقص في مجال المرافق الاجتماعية والاقتصادية الجماعية، التي تكتسي أهمية كبيرة لتطوير أنشطة اقتصادية وصناعية في هذه الأحياء التي تعاني معظمها من مستويات عالية من البطالة خاصة وسط الشباب.
في أعقاب الثورة التونسية لعام 2011، وبعد ملاحظة الفوارق الاجتماعية والإقليمية العميقة، قررت الدولة التونسية تسريع وتيرة تدخلها في هذه الأحياء.
ومن أجل تحسين الظروف المعيشية لسكان هذه الأحياء ودعم آليات التنمية الاجتماعية والاقتصادية المحلية، أطلقت السلطات التونسية في عام 2012 برنامج إعادة تأهيل ودمج المناطق السكنية الكبيرة (PRIQH). ويستفيد هذا البرنامج الذي تبلغ تكلفته الاجمالية حوالي 250 مليون يورو، من تمويل الدولة التونسية، والوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، والاتحاد الأوروبي وبنك الاستثمار الأوروبي (BEI) وينفذ بين عامي 2013 و 2019.
وتهدف مقاربة العديد من المدن إلى تحسين الظروف المعيشية لسكان الأحياء الشعبية، ويتم تنفيذها في 140 من الأحياء الهشة عبر الأراضي التونسية.
تعتبر وكالة التهذيب والتجديد العمراني (ARRU) المنفذ العمومي لبرنامج إعادة تأهيل ودمج المناطق السكنية الكبيرة في مرحلته الأولى (PRIQH1)، وتشرف عليه وزارة التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية (MEHAT). وتقوم وكالة التهذيب والتجديد العمراني (ARRU) التي أنشئت في عام 1981، بتنفيذ سياسة وطنية في مجال إعادة التأهيل والتجديد الحضري لحساب الدولة والسلطات العمومية بهدف تزويد الأحياء السكنية الفوضوية ببنى تحتية أساسية.
وبالتوازي مع عنصر الاستثمار، يرمي البرنامج العام إلى تشجيع اعتماد إصلاحات من أجل سياسة خاصة بالمدينة. ويشمل البرنامج على عنصرين آخرين يتمثلان في الدعم المؤسساتي لهيكلة هذه السياسة الخاصة بالمدينة التي تسمح باتخاذ مبادرات شاملة، ومتماسكة خاصة بالمناطق الحضرية، والمساعدة على تعزيز قدرات السلطات المحلية.
من أجل مواصلة الإجراءات المتخذة في إطار المرحلة الأولى من برنامج إعادة تأهيل ودمج المناطق السكنية الكبيرة (PRIQH1)، ولمواجهة الواقع المتمثل في تسارع وتيرة ظهور الأحياء العشوائية غير الرسمية، قررت وزارة التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية (MEHAT) تمديد عمليات القضاء على المساكن العشوائية وتحسين إطار الحياة، وتأمين الخدمات الأساسية وخلق فرص عمل جديدة لسكان هذه الأحياء الشعبية.
وفي هذا الصدد، كلفت وزارة التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية (MEHAT)، وكالة التهذيب والتجديد العمراني (ARRU) بإطلاق برنامج وطني ثاني لإعادة تأهيل المناطق العشوائية. وترمي المرحلة الثانية من برنامج إعادة تأهيل ودمج المناطق السكنية الكبيرة (PRIQH 2) التي تدخل في إطار الخطة الخماسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية 2016-2020، إلى التدخل في حوالي 150 حيا سكنيا، من مجموع 274 حيا سكنيا مستهدفا خلال عملية تحديد الأحياء المعنية التي بدأت في عام 2015، وهو ما يمثل 171 بلدية و1.22 مليون من السكان.
ومن منطلق الاستمرارية في تحقيق مكاسب المرحلة الأولى من برنامج إعادة تأهيل ودمج المناطق السكنية الكبيرة (PRIQH1) يسعى برنامج إعادة تأهيل ودمج المناطق السكنية الكبيرة (PRIQH 2) إلى التدخل على مستوى البنى التحتية الأساسية، وتأمين المرافق الاجتماعية في الأحياء المستفيدة، مثل المنشئات الخاصة بالأنشطة الثقافية، والرياضية وتلك الخاصة بالشباب، وإنشاء منشئات صناعية، وغيرها من المرافق التي تعتبر محركا أساسيا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية المحلية ورهانا أساسيا للتنمية الحضرية المتكاملة.
وسوف يتم إعداد هذه التدخلات وتنفيذها من خلال تعزيز المقاربة القائمة على احترام السياقات البيئية والاجتماعية للأحياء وسكانه.
ومن أجل تحسين ظروف حياة سكان هذه الأحياء، ينبغي عليهم أن يساهموا في مشاريع التنمية الحضرية. وهكذا سيتم تنفيذ المرحلة الثانية من برنامج تأهيل ودمج المناطق السكنية الكبيرة (PRIQH 2) من خلال إشراك كل من السلطات المحلية والمجتمع المدني، بفضل عملية تشاور وتواصل توافقية. وستكون هذه المقاربة التشاركية حاسمة بالنسبة لانخراط السكان وتملكهم وصيانتهم للمرافق والبنى التحتية التي سيتم إنجازها في هذه الأحياء.
من أجل تحسين اثر البرنامج في سياق الانتقال إلى اللامركزية، سوف تدخل هذه المرحلة الثانية من البرنامج مقاربة متجددة للتحديث الحضري للأحياء الشعبية:
تم تحديد المرحلة الثانية من برنامج تأهيل ودمج المناطق السكنية الكبيرة (PRIQH 2) وإضافته إلى قائمة مشاريع مبادرة تمويل المشاريع الحضرية (UPFI) في يناير/ كانون الثاني عام 2017، نظرا لتمتعه بمقاربة التنمية الحضرية المتكاملة، وبعده المتعلق بتعدد المدن وقابلية تكراره على النطاق الإقليمي للبحر الأبيض المتوسط.
وأكدت الخبرة المكتسبة خلال تنفيذ المرحلة الأولى من برنامج تأهيل ودمج المناطق السكنية الكبيرة (PRIQH 1) على ضرورة دعم وكالة التهذيب والتجديد العمراني (ARRU) والسلطات التونسية في إعداد البرنامج وتنفيذه من أجل تعزيز جدوى تدخلات المرحلة الثانية من برنامج تأهيل ودمج المناطق السكنية الكبيرة (PRIQH 2)، لاسيما في مجال المرافق الاجتماعية ــ الجماعية والمنشئات الصناعية.
وتحقيقا لهذه الغاية، دخلت المرحلة الثانية من برنامج تأهيل ودمج المناطق السكنية الكبيرة (PRIQH 2) في يونيو/حزيران 2017 مرحلة إعداد مشاريع مبادرة تمويل المشاريع الحضرية (UPFI)، واستفادت من مساعدة تقنية ترمي إلى مرافقة وكالة التهذيب والتجديد العمراني (ARRU) في تصميم وبرمجة، وإدارة ورصد تدخلات المرحلة الثانية من برنامج تأهيل ودمج المناطق السكنية الكبيرة (PRIQH 2).
كما سعت مرحلة الإعداد لهذا المشروع الخاص بمبادرة تمويل المشاريع الحضرية (UPFI) إلى المساهمة في دعم الدولة التونسية في إعداد عملية القضاء على الأحياء العشوائية.
وكان من المفترض أن تساهم هذه المساعدة التقنية في تعزيز البعد المتعلق بالتنمية الحضرية المتكاملة لتدخل وكالة التهذيب والتجديد العمراني (ARRU) وإثبات أهلية المرحلة الثانية من برنامج تأهيل ودمج المناطق السكنية الكبيرة (PRIQH 2) لدى المؤسسات المالية الدولية، وفي مقدمتها الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، وبنك الاستثمار الأوروبي (BEI)، اللذان أشرفا معا على تقديم هذه المساعدة التقنية.
لقد مكنت المساعدة التقنية الجهات المانحة من احراز تقدّم من إدارة الجزء الثاني من هذا البرنامج الخاص بالأحياء الشعبية. وتمت المصادقة على التمويل الخاص بالمرحلة الثانية من برنامج إعادة تأهيل ودمج المناطق السكنية الكبيرة (PRIQH 2) من قبل الهيئات التابعة للوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) وبنك الاستثمار الأوروبي (BEI) والاتحاد الأوروبي.
|
|
|
في 4 تموز/يوليو 2019، أطلق رئيس الحكومة يوسف الشاهد، بالاشتراك مع وزير التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية ووزير الشؤون المحلية، رسميًا البرنامج الثاني لإعادة تأهيل الأحياء السكنية وإدماجها (PRIQH 2) بحضور مائة من رؤساء البلديات القادمين من جميع أنحاء البلاد. فبعد البرنامج الأول الخاص بإعادة تأهيل الأحياء السكنية وإدماجها الذي بدأ تنفيذه منذ عام 2012، سيساهم البرنامج الثاني في تحسين ظروف معيشة 800 ألف تونسي وتونسية من 146 منطقة سكنية شعبية.
تم خلال الربع الأول من عام 2017، تحديد مشروع جديد لتلقي الدعم من قبل مبادرة تمويل المشاريع الحضرية ( UPFI) ويتعلق الأمر ب: المرحلة الثانية من برنامج دمج وإعادة تأهيل عدد من الأحياء السكنية في تونس. وبعد عملية التشاور التي اجريت من خلال اتفاق الاطار لمبادرة تمويل المشاريع الحضرية (UPFI)، شرعت المجموعة التي اوكلت إليها المهمة في تقديم المساعدة التقنية في يونيو/ حزيران 2017. وتهدف هذه المساعدة التقنية إلى مرافقة الوكالة التونسية للتهذيب والتجديد العمراني (ARRU ) في تصميم وبرمجة وإدارة ورصد تدخلات المرحلة الثانية من برنامج إعادة تأهيل ودمج المناطق السكنية الكبيرة ( PRIQH 2). وسوف يعتمد تصميم البرنامج بشكل خاص على النهج التشاركي المحلي والتشاور مع السكان. كما ترمي هذه المهمة إلى مساعدة الوزارة التونسية للتجهيز والإسكان والتخطيط العمراني في مساعيها المتعلقة بمنع ظهور أحياء عشوائية.